العقل والوجود - لـ يوسف كرم
"أرخنا للفلسفة اليونانية، ثم للفلسفة الأوروبية في العصر الوسيط، وأخيرًا للفلسفة الحديثة، وكنا كلما صادفنا مذهبًا كليًا أو رأيًا جزئيًا عقّبنا عليه بالتأييد أو التفنيد؛ إذ نعتقد أن مؤرخ الفلسفة هو فيلسوف أيضًا، وأنه لا يليق به أن يضع نفسه موضع الببغاء، يقتصر على ترديد أقوال الفلاسفة دون تأمل أو حكم. ومع ذلك، كان تعقيبنا موجزًا لأن غايتنا الأساسية كانت التأريخ. أما في هذا الكتاب، فنحن نعالج المسائل لذاتها، محاولين الكشف عن وجه الحق فيها. وعنوان الكتاب يدل على أننا نقدم دراسة للعقل، كما يمتحن العامل آلته قبل الشروع في استخدامها. ولسنا نزعم أن هذا الترتيب واجب؛ فالجميع يصدقون عقلهم وحواسهم ابتداءً. وللفيلسوف المؤمن بصدق العقل والحواس أن يجاريهم، فيقتحم المنطق، ثم ينتقل إلى الفلسفة الطبيعية، مؤخرًا نقد المعرفة إلى مكانه المنطقي، الذي هو علم ما بعد الطبيعة، أعم العلوم، والمختص بالفحص عن أعم المسائل."