كتاب : فرنسا وإسبانيا وحرب الريف
تأليف : والتر هاريس
ترجمة : حسن الزكري
عدد الصفحات : 257 صفحة من القطع الكبير
منشورات : مركز جسور للدراسات التاريخية والاجتماعية/ المغرب
تاريخ النشر الطبعة الأولى : 2025 م
تاريخ النشر بالانجليزية 1927 - France, Spain and the Rif - Walter Burton Harris

يستعرض هذا الكتاب مرحلة حاسمة من تاريخ المغرب الحديث، حين خاض أبناء الريف بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي واحدة من أشرس حروب المقاومة ضد الاستعمارين الإسباني والفرنسي عقب توقيع اتفاقية الحماية عام 1912م. يقدم والتر هاريس رؤيته لتلك الحرب من موقع الشاهد المباشر، إذ عايش أحداثها عن قرب وتابع تطوراتها من بدايتها إلى نهايتها.
وُلد والتر هاريس في لندن عام 1866م، وأمضى معظم حياته في المغرب منذ أن وصل إليه سنة 1887م. بصفته مراسلًا لجريدة التايمز البريطانية، تمكّن من الوصول إلى مراكز القرار وإقامة علاقات وثيقة مع شخصيات نافذة في المجتمع المغربي، ما أتاح له نقل صورة دقيقة وغنية بالتفاصيل عن واقع البلاد إلى القارئ الأوروبي.
تكمن أهمية هذا العمل في أنه نُشر عام 1927م، أي بعد عام واحد فقط من نهاية حرب الريف، مما جعله شهادة مباشرة على تلك الحقبة. يتضمن الكتاب رسائل نادرة تلقاها المؤلف من الزعيم الخطابي نفسه، تعكس فكره السياسي ورؤيته لمستقبل المقاومة والحل السلمي الممكن.
يضم الكتاب ثلاثة عشر فصلًا، يبدأ فيها بعرض الخلفية التاريخية للنزاع الأوروبي حول المغرب قبل الحماية، ثم يقدم وصفًا جغرافيًا وتاريخيًا لمنطقة الريف، قبل أن يتناول تفاصيل التوسع العسكري الإسباني في الشمال والمصاعب التي واجهها الإسبان، ولا سيما هزيمتهم المدوية في معركة أنوال عام 1921م. بعد ذلك ينتقل المؤلف إلى منطقة جبالة، مسلطًا الضوء على شخصية أحمد الريسوني ودوره في التفاعلات السياسية والعسكرية هناك، ثم يستعرض حصار شفشاون وما تبعه من انسحاب القوات الإسبانية.
في الفصول الأخيرة، يتناول هاريس الدور الفرنسي في حرب الريف، موضحًا كيف أدى التدخل المشترك بين فرنسا وإسبانيا إلى استسلام الخطابي عام 1926م بعد فشل مؤتمر وجدة وسقوط ترگيست، آخر معاقل المقاومة.
بهذا، يقدم والتر هاريس شهادة نادرة تجمع بين التوثيق الصحفي والرؤية التحليلية، لتشكل أحد أهم المصادر الأوروبية المبكرة عن حرب الريف وزعيمها الاستثنائي محمد بن عبد الكريم الخطابي.

يقدّم الكتاب توثيقًا وتحليلًا مباشرًا لتجربة فرنسا وإسبانيا في المغرب، وبشكل خاص في منطقة الريف شمال البلاد، حيث اندلعت واحدة من أبرز حروب التحرر في القرن العشرين. يوازن هاريس بين السرد الميداني والملاحظة السياسية، موضحًا كيف كشفت الحرب عن ضعف الاستعمار الأوروبي في مواجهة مقاومة محلية منظّمة، وعن التنافس الفرنسي–الإسباني الذي أسهم في نهاية المطاف في هزيمة عبد الكريم الخطابي.

الفصل الأول: وضع فرنسا وإسبانيا في المغرب
يستعرض السياق السياسي لتقاسم النفوذ في المغرب بعد اتفاقيات أوائل القرن العشرين، موضحًا أن فرنسا سيطرت على الوسط والجنوب، بينما اقتصرت إسبانيا على الشمال (الريف وتطوان). ويبرز منذ البداية تناقض مصالح القوتين.
الفصل الثاني: الريف
وصفٌ جغرافي واجتماعي دقيق لمنطقة الريف، وطبيعة سكانها القبليّة المستقلة، وشجاعتهم العسكرية، مما يفسّر صعوبة إخضاعهم. يرى هاريس أن تضاريس الجبال لعبت دورًا حاسمًا في مقاومة الاحتلال.
الفصل الثالث: إسبانيا في الريف
يحلل أسباب فشل السياسة الإسبانية في إخضاع القبائل الريفية، خصوصًا بعد كارثة أنوال (1921) التي تكبدت فيها القوات الإسبانية خسائر فادحة. ويصف الاضطراب داخل الجيش الإسباني والارتباك السياسي في مدريد.
الفصل الرابع: الإسبان والجبالة
ينتقل إلى منطقة الجبالة المتاخمة للريف، حيث كانت العلاقة بين السكان المحليين والإسبان أكثر ميوعة، إذ استخدمت إسبانيا وسائل التحالفات القبلية والتجنيد القسري. يبرز هاريس الاختلاف بين تعامل الإسبان مع الجبالة مقارنة بالريفيين الأكثر تمردًا.
الفصل الخامس: فك حصار شفشاون
يروي تفاصيل حصار مدينة شفشاون من قِبل قوات عبد الكريم الخطابي، ومحاولات الجيش الإسباني تخليصها عبر عمليات عسكرية فاشلة في البداية، قبل أن تتدخل فرنسا عسكريًا لدعم حليفتها.
الفصل السادس: إخلاء شفشاون
يتناول الانسحاب الإسباني الصعب من المدينة، وارتباك القيادة الميدانية، وكيف استغل عبد الكريم الخطابي ذلك لتوسيع نطاق سيطرته نحو الجنوب.
الفصل السابع: الإنزال في الريف
يصف العمليات البحرية الإسبانية التي حاولت الالتفاف على الريفيين من الساحل، لكنها واجهت مقاومة شرسة وافتقرت إلى التنسيق بين القيادة العسكرية والسياسية.
الفصل الثامن: الفرنسيون في المغرب
ينتقل هاريس إلى السياسة الفرنسية في المغرب الخاضع للحماية، موضحًا أن فرنسا اعتمدت على دمج النخب الحضرية وتوسيع البنية الإدارية، لكنها ظلت حذرة من تمدد روح الثورة الريفية إلى مناطق نفوذها.
الفصل التاسع: الحملة الفرنسية في ربيع 1925
يصف بداية التدخل الفرنسي ضد قوات عبد الكريم، التي كانت تهدد مناطق فاس وتازة، وكيف واجه الفرنسيون مقاومة غير مسبوقة، رغم تفوقهم في العدد والتسليح.
الفصل العاشر: الحملة الفرنسية في صيف 1925
يتناول المعارك الكبرى التي خاضتها القوات الفرنسية بقيادة المارشال بيتان، بمشاركة القوات الإسبانية، في محاولة تطويق قوات الريف من الجبال والساحل معًا.
الفصل الحادي عشر: في البحث عن السلام
يروي محاولات الوساطة والمفاوضات التي بادر بها عبد الكريم الخطابي، في ظل القصف الفرنسي–الإسباني المكثف، لكن القوى الاستعمارية رفضت أي تسوية تحفظ سيادة الريفيين.
الفصل الثاني عشر: مؤتمر وجدة
يناقش المداولات بين الفرنسيين والإسبان في مدينة وجدة حول تقاسم العمليات النهائية ضد عبد الكريم، مؤكدًا أن المؤتمر كشف عمق التنافس بين الجانبين رغم هدفهما المشترك.
الفصل الثالث عشر: استسلام عبد الكريم
يختم هاريس بسرد استسلام عبد الكريم الخطابي في مايو 1926، بعد حرب استنزاف قاسية. يصف الاستسلام بأنه "نهاية مأساوية لبطل عظيم"، مشيرًا إلى أن مقاومته تركت أثرًا دائمًا في الوعي المغاربي.

عُدّ الكتاب من أوائل المراجع الغربية التي نقلت وجهة نظر شبه متوازنة حول حرب الريف. أشاد بعض النقاد بموضوعيته النسبية مقارنة بكتابات استعمارية أخرى، بينما انتقد آخرون نظرته الأبوية وتبنيه الضمني لفكرة "مهمة التمدين الأوروبية".

نقد غير مباشر للاستعمار: رغم خلفيته البريطانية، أدرك هاريس هشاشة المشروع الاستعماري أمام حركات التحرر.
وعي مبكر بالمقاومة الوطنية: يرى أن حرب الريف كانت ثورة منظمة ضد الاحتلال، وليست مجرد تمرد قبلي.
التنافس الإمبريالي كعامل ضعف: فشل فرنسا وإسبانيا في تنسيق استراتيجي واضح عرّض مصالحهما للخطر.
إرهاصات النضال المغاربي: تُظهر الحرب كيف مثّل الريف مختبرًا مبكرًا لحركات التحرر في شمال إفريقيا لاحقًا.

والتر بورتون هاريس (Walter Burton Harris, 1866–1933)
صحفي ومغامر بريطاني، عمل مراسلًا لصحيفة The Times في شمال إفريقيا. عاش سنوات طويلة في المغرب، وكان من أوائل الأوروبيين الذين وثقوا تفاصيل المجتمع المغربي في فترة الحماية. كتب عدة كتب عن المغرب، أبرزها Morocco That Was (1921) وFrance, Spain and the Rif (1927). جمع بين أسلوب الصحافة الميدانية والتحليل السياسي، مع ميول استشراقية واضحة.

يُعد الكتاب شهادة تاريخية نادرة على واحدة من أهم حروب التحرر في المغرب. يمزج بين التوثيق العسكري والتحليل السياسي، كاشفًا عن تناقضات القوى الاستعمارية أمام إرادة المقاومة الريفية. ورغم خلفيته الأوروبية، استطاع هاريس أن ينقل روح التحدي التي جسدها عبد الكريم الخطابي، لتصبح حرب الريف رمزًا مبكرًا لصراع الجنوب مع الإمبراطوريات الحديثة.
تحميل الكتاب باللغة الانجليزية