نهاية الفلسفة ومهمة التفكير - لـ مارتن هايدغر
"الكتاب رغم قصره يحمل ثراءً فكريًا وفلسفيًا عظيمًا. هايدغر يطرح فيه أسئلة وجودية معقدة، ويجيب عنها بطريقته الفلسفية العميقة.
كالعادة، هايدغر لا يختار السهولة أو البساطة في التعبير، بل يصرّ على تعقيد اللغة والمفاهيم، رغم أنه بنفسه دعا في بعض نصوصه إلى ضرورة استخدام لغة واضحة وعدم الإفراط في استحداث مصطلحات جديدة.
الأسئلة الأساسية التي يناقشها هايدغر في هذا الكتاب تدور حول:
هل أدركنا أن الفلسفة قد انتهت؟
كيف يمكننا أن نعرف الوجود؟
ما مهمة التفكير في زمن نهاية الفلسفة؟
هايدغر هنا لا يقصد بنهاية الفلسفة أنها اختفت أو أصبحت بلا معنى، بل يرى أن الفلسفة، كما نشأت منذ عهد الإغريق، قد بلغت كمالها: بمعنى أنها حققت الغاية التي تأسست لأجلها، أي محاولة فهم الوجود بما هو موجود.
نهاية الفلسفة إذن تعني اكتمال مسارها التقليدي، لا موتها.
في حديثه عن الوجود، يوضح هايدغر أن حضور الأشياء يمكن أن يكون بطريقتين:
١. شيء مادي ظاهر ومفهوم بالنسبة لنا (مثل الإنسان).
٢. شيء غير مادي لكنه مفهوم عبر الإحساس أو الروح (مثل الله).
ويشير أيضًا إلى أن هناك أشياء قد تكون موجودة لكنها لا تظهر لنا بشكل مفهوم تمامًا (مثل القوى الكونية أو ما يمكن تشبيهه بالمادة المظلمة في التفسير المعاصر).
من هنا، يؤكد هايدغر أن الفلسفة التقليدية تعاملت مع كل أشكال الوجود الممكنة، ومن ثم جاء الوقت لمرحلة جديدة: مهمة التفكير.
هذه المهمة ليست أقل شأنًا من الفلسفة، بل هي رجوع أعمق إلى التساؤل الأصيل عن الوجود، بعيدًا عن المفاهيم الجاهزة والميتافيزيقا التقليدية.
حسب هايدغر، مهمة التفكير ضرورية لأن عصرنا تَطبَع بالتقنية والعلم، وصار من المهم أن نعيد التفكير بأسس حضارتنا بطريقة تتجاوز الانشغال بالمجردات الميتافيزيقية.
التفكير الذي يدعو إليه ليس تفكيرًا نظريًا فحسب، بل ممارسة حقيقية تُمكّن الإنسان من بناء حضارة مادية علمية، دون أن يفقد علاقته الأصيلة بالوجود."